رمز الخبر: ۶۶۰۸
تأريخ النشر: 00:20 - 14 September 2008
ساكاشفيلي وشتاء عام 2006 البارد

 


عصر ايران – ان التوتر الحادث بين روسيا وجورجيا بشان منطقتي اوسيتيا الجنوبية وابخازيا اللتين تطالبان بالانفصال عن جورجيا خلال الشهر الماضي حول منطقة القفقاس الى بؤرة الصراع الدولي بحيث ان حتى بعض المحللين يعتبر ان الازمة الحالية في جورجيا قد تشكل الشرارة التي تنطلق منها حرب باردة جديدة بين روسيا والغرب.


 


وبعيدا عما اذا كان هذا التحليل صحيحا ام لا فانه يجب القول بان الازمه الحالية في القفقاز ورغم انها ذات جذور تاريخية لكنها كان يمكن الا تحدث والا توفر الارضية لتدخل القوى الدولية.


 


ويجب الاقرار بان انعدام هيكلية اقليمية مشتركة تغطي جميع احتياجاتها اي الامن والاستقرار والتنمية و... وتجعل الدول الكبيرة والمتوسطة والصغيرة في المنطقة تشعر بالرضا وتحقيق مصالحها الوطنية من خلال الانضمام الى هذه الهيكلية ، يشكل احد الاسباب الرئيسية للتدخل واثارة اجواء من عدم الثقة بين دول منطقة القوقاز.


 


وواضح ان الدعوة التي وجهتها جورجيا الى الدول التي تبعد الاف الاميال عن المنطقة والمحاولات للانضمام الى عضوية حلف عسكري يشكل "تهديدا للامن القومي" لقسم كبير من دول المنطقة ، يعتبر اجراء يبدد الثقة.


 


لذلك فان الخيار الوحيد لاحلال السلام والاستقرار في منطقة القفقاز وحواليها يكمن في بناء الثقة كخطوة اولى وفي الخطوة الثانية العمل من اجل ارساء هيكلية اقليمية مشتركة تعمل على ضمان مصالح الجميع ويقطع الطريق على تدخل سائر القوى الاجنبية في المنطقة.


 


ان حكومة تبليسي تتذكر بالتاكيد ما حدث في شتاء عام 2006 ، ففي تلك الايام كان مقررا اقامة مراسم اليمين ل "نظربايف" بمدينة "استانة" في كازاخستان وكان ساكاشفيلي بوصفه رئيس جورجيا قد دعي للحضور في تلك المراسم وكان يبدو متوترا للغاية وعندما التقى وزير الخارجية الايراني منوجهر متكي معه اتضح سبب توتره هذا.


 


وكان ساكاشفيلي قد قال لمتكي بان الروس قد قطعوا امدادات الغاز عن جورجيا وفي ظل ظروف كهذه فان ايران تشكل الامل الوحيد للجورجيين لكي تبيع لهم الغاز.


 


وبعد التمهيد دبلوماسيا قام وزيرا الخارجية والطاقة الجورجيان بزيارة الى طهران وعقب ذلك تم تصدير الغاز الايراني الى جورجيا عن طريق جمهورية اذربيجان وانقذ شعب جورجيا الذي كان يعاني من البرد آنذاك.


 


وقد اخذت ايران القضايا الانسانية بنظر الاعتبار في تصدير الغاز الى جورجيا بحيث انها فتحت انابيب الغاز الى الجورجيين الذين كانوا "ايرانيين" يوما ما،  حتى قبل الاتفاق على سعره.


 


لكن ماذا كان رد ساكاشفيلي على هذا التوجة الانساني؟


 


فقد قام بعد عام من ذلك بتسليم ايراني اعتقل في تبليسي باسم "اردبيلي" الى اميركا رغم احتجاج طهران، لكي يكون ورقة رابحة في يد البيت الابيض في تعامله مع ايران !


 


وقد اظهرت الحكومة الجورجية لعدة مرات بانها واقعة بشكل شديد تحت التاثير الامريكي وانه لا توجد ارادة مستقلة في تبليسي.


 


ان الحكومة الجورجية ومن خلال اشعالها فتيل الحرب صيف هذا العام في المنطقة والتي اعقبها ردة فعل روسيا العنيفة ، اظهرت هذه المرة ايضا انها لا تملك تفهما صحيحا عن العلاقات الاقليمية والدولية و حتى انها لا تعرف قدر نفسها .


 


والان وهي توجه انظارها الى خارج المنطقة واقدمت على ايجاد الازمة الحالية، تبحث الان عن مخرج من الوضع الراهن من خلال اعتماد نفس الخطا الاستراتيجي اي طلب العون من الخارج في حين ان ظلال قوة اسمها روسيا تطل على تبليسي وان الروس يواصلون اللعبة هذه المرة من منطلق توجه ينطوي على الكرامة ولذلك فانه كلما توسع نطاق التوقع من القوى من خارج المنطقة كلما ازدادت حساسية روسيا وبالتالي المزيد من تعقيد الاوضاع.


 


لذلك فان السبيل الوحيد لاستتباب السلام والاستقرار والتعايش السلمي في المنطقة يكمن في ايجاد هيكلية داخل اقليمية وديناميكية تمهد لتنامي الاستقرار والامن لجميع دول المنطقة شريطة الا يلقي اشخاص مثل ساكاشفيلي حجر في بئر يتطلب اخراجه وقوع احداث وتطورات.