رمز الخبر: ۷۵۰۰
تأريخ النشر: 12:56 - 22 October 2008
وفي طي هذا المشوار يبدو ان القادة الاكراد العراقيين اكثر انشدادا الى توقيع الاتفاقية الامنية مع الاميركان على علاتها وهو امر يثير الكثير من علامات الاستفهام حول الدواعي التي تدفع قيادات التحالف الكردستاني العراقي.

عصر ايران – واضح من الرفض الصارخ للاتفاقية الامنية المزمع ابرامها بين واشنطن وبغداد ان العراقيين برمتهم يعارضون عقد مثل هذه الاتفاقية جملة وتفصيلا باعتبارها وفي ادنى المستويات تشرعن لاستقرار قوات الاحتلال الاميركي-الغربي في بلاد وادي الرافدين وقتما تشاء وطبقا للسياسات والاستهدافات الاميركية والصهيونية في الشرق الاوسط.

فالثابت ان العراق (مرجعية وحكومة وشعبا وتيارات سياسية) يعتبر ان اقرار الاتفاقية وفقا للاملاءات الاميركية سيشكل صفحة سوداء في التاريخ الوطني المشرق للعراقيين ووصمة عار في جبين اهل هذه الديار الطيبة لن يمحوها الدهر عدا عن كونها خيانة عظمى ستحاسب الاجيال موقعيها ان عاجلا او اجلا ولن تغفرها لهم مهما كانت معاذيرهم او تبريراتهم في هذا المضمار.

وفي طي هذا المشوار يبدو ان القادة الاكراد العراقيين اكثر انشدادا الى توقيع الاتفاقية الامنية مع الاميركان على علاتها وهو امر يثير الكثير من علامات الاستفهام حول الدواعي التي تدفع قيادات التحالف الكردستاني العراقي الى المطالبة بالاسراع في ابرامها دون مراعاة ان مثل هذا التوجه سيوجه طعنة نجلاء الى الوفاق الوطني السياسي والاجماع الجماهيري في هذا البلد الرافض للهيمنة الغربية والصهيونية حتى وان تمت مكيجتها وتزيينها عبر المعاهدات او الاتفاقيات الامنية المزعومة.

فكلنا يعلم بان العراق حكم بسياسة الحديد والنار طوال 35 عاما (17 تموز 1968- 9 ايار 2003) وان نظام الطاغية المقبور صدام حسين لم يوفر في ظلمه ودمويته ومجازره احدا من العراقيين حتى من هم اقرباؤه عدا عن رفاق دربه وكلنا لا ينكر حجم الظلم الذي اوقعه النظام البائد بالكرد العراقيين بطشا وابادة جماعية وقصفا كيمياويا وتهجيرا وتشريدا وملاحقة وتجريفا للمدن والقرى وما شاكل ذلك، بيد ان ما لقيه بقية الشعب في الجنوب والوسط والفرات الاوسط وحتى في غرب البلاد من عذابات واعدامات وقبور جماعية ومطاردات لم يكن باقل مما قاساه ابناء وطنهم في كردستان العراق.

صفوة القول ان التماهي الذي يبديه بعض السياسيين الاكراد مع المشروع الاميركي في نطاق الاتفاقية الامنية اصبح مثار قلق وريبة العراقيين كما ان الدول المجاورة للعراق هي الاخرى بدات تساورها الشكوك فيما يمكن ان يضمره مثل هذا التماهي ولاسيما بعدما بدات وسائل الصحافة والاعلام في كردستان العراق بالترويج والتطبيل للوعود الغربية عن " ان قيام دولة كردستان الكبرى" ومن نماذجها الدعائية عرض كتب واصدارات في هذا الاتجاه في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب مؤخرا وان صار في حكم المؤكد ان تحقيق هذا الهدف بات يحتاج لمجرد وقت.

ان القيادات والشخصيات المعروفة في التحالف الكردستاني العراقي الذي تربطه مصالح وصلات وثيقة مع معظم دول الجوار مدعوون اليوم اكثر من اي وقت مضى الى استدراك الوضع الراهن بعدم السماح بانعزال الموقف الكردي عن الموقف الوطني العراقي الموحد في مواجهة الاستحقاقات المشينة للاتفاقية الامنية السيئة الصيت من جانب وكبح جماح الاطروحات المشحونة بدفع من الاستكبار العالمي من جانب اخر، انطلاقا من ان ثبات واستقرار المنطقة واستتباب الهدوء فيها هما مطلبان يصبان في صالح الاكراد العراقيين قبل سواهم لان اي انزلاق يهدد الامن الاقليمي سيعني تخطيا للخطوط الحمراء بشكل مؤكد الامر الذي يدعو المعنيين في منطقة كردستان العراق الى ضبط مثل هذا التوجه الانفعالي الذي لن يعود باي نفع على اهاليها باعتبارهم طالما اكتووا بنيران الحروب والمعارك التي كانت تخاض ضدهم او ربما كانوا يخوضونها هم بالنيابة عن مخططات القوى الكبرى التي ثبتت حتى الان انها لا تستثني في سياساتها وتحركاتها المعادية اي شعب او دولة في العالم الاسلامي.