رمز الخبر: ۸۷۵۶
تأريخ النشر: 14:36 - 13 December 2008
جورج علم

وفي اليوم الثالث تقدّم الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر بالكتاب، وضمّنه طلب مراقبة الانتخابات، وألقى الحجر في المستنقع (إننا نأمل ونتوقّع ونصلّي لاستمرار الاستقرار في هذا البلد بحكمة وحنكة قادته السياسييّن)، وترك التموجات تتفاعل.


لم يفاجأ، ولم يبذل جهدا مضاعفا لاكتشاف المعدن الانتخابي عند أمراء الطوائف في جمهوريّة الطائف، فالتقارير عن اليوميات اللبنانيّة طافحة بتفاصيل التفاصيل، وكارتر، كما يقول كبير مستشاريه روبرت باستور، قارئ نهم.

باتت الصورة عنده واضحة، المسؤولون يؤكدون إجراء الانتخابات في مواعيدها، ولا بدّ من احترام الدستور، واحترام اتفاق الدوحة، واحترام البيان الوزاري، وصدقيّة حكومة الوحدة الوطنيّة، كون الانتخابات النيابيّة تتصدّر سلّم أولوياتها.

سمع الكثير من المبررات والضرورات الرسميّة لإجرائها، وكلّها تؤكد احترام هذا الاستحقاق، ووفق المعايير المتبعة في الدول العريقة بديموقراطيتها، فيما المقاربات اختلفت عند من التقاهم في مجلس النواب، وخارجه، حيث قيل كلام كثير عن التحديات، ومن منظار كل طرف، ووفق تموضعه السياسي، بدءاً بالسلاح المتنوع وسعة انتشاره، ووجهة استعماله، الى التدخلات الخارجيّة، الى سياسة المحاور العربيّة والإقليميّة التي تنعكس على الواقع السياسي الداخلي، الى المال السياسي، الى الضغوط التي بدأت تمارس بأساليب شتى، وطرق متعددة.

لقد حرّك الرئيس الأميركي الأسبق (وكر الدبابير) كما يقول أحد النواب الذين التقوه، وانفتحت سيرة الانتخابات على المستور والمحظور، ومع ذلك لم يفاجأ وحرص على تقديم الكتاب الى وزير الداخليّة زياد بارود طالباً فيه إمكانية إرسال ممثلين عن المركز الذي يرأسه لمراقبة نزاهة الانتخابات النيابيّة وعدالتها وشفافيّتها، إذا ما وافقت الدولة اللبنانيّة على ذلك.

لقد شارك الوفد المرافق واستمع الى المعنييّن، وسجّل المحاضر، وكانت المحصلة أن كلّ الذي قيل كان تكراراً لكلام بدأ يسمعه الغرب الأميركي والأوروبي منذ أيلول ۲۰۰۴ تاريخ صدور القرار ،۱۵۵۹ وراح يتفاعل بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري في شباط ۲۰۰۵ ومنذ ذلك التاريخ انقطع الحوار، وتعطّلت لغة الكلام لتحل الكيديّة، ولغة التخوين والإلغاء.

لقد اكتشف الوفد الأميركي أن الذرائع التي يتسلّح بها هذا الطرف أو ذاك تبقى وهميّة وثانويّة رغم وجاهتها، لأن حلها متوافر بسهولة إذا ما رمّمت جسور الثقة، وانطلق الحوار من قناعات الرغبة المشتركة في التوصل الى تفاهمات تقتضيها المصلحة الوطنيّة العليا، ومع غياب هذه القناعات تصبح التباينات الصغيرة عقبات كبيرة كأداء.

يغادر كارتر بعدما غرف الكثير ممّا سمع ولاحظ ودوّن، ومع ذلك حرص على أن يفرد للحوار أهميّة خاصة، انطلاقاً من السؤال عن الأسباب التي تجعل المسافة الزمنيّة طويلة ما بين جولة وأخرى؟ وما الذي يعيق التفاهم حول الطاولة المغلقة في القصر الجمهوري إذا كان الصدق هو الجامع المشترك عند المتحاورين، والغاية عندهم هي إنقاذ لبنان من خلال العمل على إنقاذ الثوابت؟

ويجيب بعض من التقوه من النواب، أن الثوابت التي يتحدث عنها عرضة لاجتياح خارجي متعدد الهويات والأهواء والمصالح، وإنه يعرف هذه الحقائق، ولا مكان للتذاكي، لقد أعطى بعضاً من بصيص أمل في تأكيده متابعة عمليّة السلام في عهد الإدارة الأميركيّة الجديدة انطلاقاً من ركائز أربع تحدث عنها، كما سمع بالمقابل بعضاً من الكلام الدّال (المطلوب رفع الأيدي عن الانتخابات، إذا كان المطلوب حقيقة رفع الأيدي عن لبنان)!؟