رمز الخبر: ۹۴۰۴
تأريخ النشر: 10:24 - 12 January 2009

عصر ایران - كان بالإمكان التوصّل إلى قرار أفضل من القرار ۱۸۶۰ الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي وانطلاقا من محتوى القرار ومن حيثياته، فإنه يمكن القول إنه كان لرفع الحرج عن الأطراف التي شاركت في صياغته وفي التفاهم حوله فقط، وإنه لا يمثل سوى مناورة سياسية، أعادت حل القضية المطروحة إلى ما كان معروضا من مبادرات سياسية غير منصفة للمقاومة الوطنية الفلسطينية.


هذا القرار جاء التفافا على الغضب الشعبي العربي والعالمي العارم الذي استهجن تباؤ مجلس الأمن الدولي في اتخاذ موقف صلب في إدانة العدوان وفي العمل على وقفه.
وقد كان واضحا لدور الأميركي الصريح في ذلك، رغم أن المندوب الأميركي امتنع عن التصويت، ليجعل من موقفه شهادة بأن في هذا القرار ما يناسب العرب والمقاومة الباسلة في غزة.
فالقرار وإن دعا إلى وقف (العدوان) عبر ما أسماه الوقف الفوري لإطلاق النار، إلا أنه لم يصدر تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة أي أنه لم يتم اعتبار العدوان الإسرائيلي على غزة تهديدا للأمن والسلم الدوليين وبالتالي يفترض القرار استعمال القوة لتنفيذه!
 
هذا القرار الذي تلكأ مجلس الأمن في اتخاذه، لحوالى أسبوعين، جاء ليعيد المسألة إلى ما كان البعض يرغب في القيام به من مبادرات سياسية، تمكن إسرائيل من تحقيق أهدافها التي عجزت في تحقيقها عسكريا. وقد كانت وزيرة الخارجية الأميركية واضحة في قولها إثر التصويت إن القرار يجب أن يقود الى جهود سياسية تعيد السلطة الفلسطينية إلى غزة.

أما الإسرائيليون فقالوا على لسان المندوبة الإسرائيلية في مجلس الأمن إن (على المجتمع الدولي أن يركز اهتمامه على وقف أنشطة حماس الإرهابية وعلى أن هذه المنظمات الارهابية لا يمكن ان تكون قيادة شرعية). أطراف في السلطة الفلسطينية قالت (إن القرار انجاز للموقف العربي الموحد وأن على حماس أن تتجاوب مع مبادرة الرئيس المصري باعتبارها خارطة الطريق لتنفيذ هذا القرار الدولي).

وبذلك يعود القرار ۱۸۶۰ بالموقف إلى ما قبل اجتماعات مجلس الأمن، الى التباحث حول المبادرة المصرية الفرنسية المباركة من قبل الإدارة الأميركية... مبادرة تحفظت عليها المقاومة الفلسطينية منذ إطلاقها لأنها لم تطرح أصل القضية وهي الحصار والاحتلال.

كما حملت المقاومة، ضمنيا، المسؤولية في ما حدث، وقد كشفت مفاوضات اللحظات الأخيرة في مجلس الأمن الدولي ضغطا فرنسيا من أجل عدم التصويت على قرار في المجلس، والعودة إلى المبادرة المصرية الفرنسية.. وها أن القرار اتخذ ولم تلتزم به إسرائيل، وها أن الأمور تعود إلى المبادرة التي تم إطلاقها في البداية، ولم تكن منصفة للمقاومة الفلسطينية، وها أن المبادرة التركية قد استبعدت بصفة آلية لأن صاحبها اتخذ موقفا رافضا للعدوان الإسرائيلي..

إسرائيل إذن غير معنية بالقرار الجديد، كما كانت دائما غير معنية بقرارات الأمم المتحدة ولكن من سيثبت على الميدان، هو الذي سيقرر المحطات السياسية المقبلة لوقف العدوان الإسرائيلي، ولفرض المعادلة السياسية التي تحفظ حق المقاومة الفلسطينية في الدفاع عن شعب المقاومة.

أكثر من سبعمائة شهيد وأكثر من أربعة آلاف جريح، وشلالات دماء الفلسطينيين التي سفكت لا ينبغي أن تذهب هدرا.. وقد بدأ الإسرائيليون يتساءلون بعد، ماذا بعد غزة؟! كما بدؤوا يتساءلون عن جدوى الحرب ضد حماس.

المعركة الميدانية والسياسية لم تنته والقرار الجديد الذي اتخذه مجلس الأمن لم يغير شيئا، وهو قد كشف محدودية موقف وإرادة كل طرف في هذه الأزمة.

فليفتح المجال للمقاومة للتعبير عن إرادتها بعد أن جرّب العرب كل الحلول السياسية وبعد أن منحت إسرائيل كل فرص التدارك الممكنة.
الوفاق/