رمز الخبر: ۹۶۳۲
تأريخ النشر: 11:08 - 19 January 2009
د.إبراهيم بن حمود الصبحي

فلسطين مهبط الرسالات

عصر ایران - هذه الأرض التي بارك الله فيها وما حولها وهو وحده اعلم كم تمتد هذه البركة أتشمل القدس وما حولها أم فلسطين كلها. نشأت فيها رسالة المسيحية وفيها مهد نبي السلام ورسول المحبة عيسى بن مريم عليهما السلام وهي مثوى سيدنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف وموسى وهارون وزكريا ويحيى وداود وسليمان ومئات من أنبياء بني إسرائيل وهي - أي القدس- مسرى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومن الصخرة المشرفة عرج به إلى السماوات العلا وفي القدس صلى خاتم الانبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم بأنبياء الله ورسله وهذا تشريف لخاتم الانبياء والرسل نبي الإسلام وهو خاتم الديانات والرسالات وتشريف للأنبياء والرسل وتشريف لتلك البقعة الطاهرة وتشريف لأمة الإسلام وتشريف وتعظيم لأنبياء الله ورسله ان جمعهم عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة وأزكى التسليم في بقعة تعتبر من اطهر بقاع الأرض قاطبة هكذا اختارتها الارادة الإلهية لتكون مجمع الديانات والانبياء والرسل والطهارات وأول قبلة للمسلمين. وهي محطة الالتحام بين الأرض والسماء في المعراج الشريف فأي تشريف وأي تبجيل وأي تعظيم فلم يجتمع ذلك كله إلا لفلسطين بلد الله عزوجل فله سبحانه تعظيم المكان والزمان من غير حدود تحدهما. وإذا عدنا للتاريخ سنجد ان أب الأنبياء إبراهيم عليه السلام أول نبي استوطن فلسطين فأقر بها زوجته سارة مهاجراً بها من العراق.وأقر زوجته هاجر عليهما من ربنا السلام في مكة المكرمة ورزق من سارة سيدنا إسحاق ورزق من هاجر سيدنا إسماعيل ثم الأسباط جميعاً. ومن ذرية إبراهيم وإسحاق وإسرائيل وإسماعيل أتت كل القبائل فيما بعد واستوطنت الشام وفلسطين والجزيرة العربية.لم اجد في التاريخ كله اطهر من هذه البقاع. ولم اجد في التاريخ أن التاريخ قد تنكر لنفسه او تمرد عليه. او أمة نسيت ماضيها او داست على ردائه لتكشف ما ستر فإذا به تاريخ وضاء ومشرق. بنو إسرائيل أكرمهم الله بأكبر عدد من أنبيائه ورسله ولم تكن هذه الميزة مظهراً وإنما كانت جوهراً لقيادة العالم وعندما تنكبوا للطريق الذي رسم لهم منح الله عز وجل القيادة لأمة الإسلام التي لم تتنكر للأديان السابقة واستقت رسالتها من المصدر ذاته. لم تتعرض منطقة في العالم كما تعرضت له هذه المنطقة من عدوان وخسف وظلم ومحاولات لتغيير التاريخ وطمس معالمه. ونحن كمسلمين ليس لدينا عداء ضد ما يسمى بالسامية وهو اللقب الذي اطلقه اليهود بعد محرقة هتلر (الهولوكوست) ليستدروا عطف العالم معهم. إذ نحن نجتمع معهم في السامية التي تنسب لسيدنا سام بن نوح عليهما السلام. ونحن وإياهم نلتقي في سيدنا إبراهيم عليه السلام وإن كان اليهود لا يعترفون بابن الجارية كما يسمونها (هاجر) والدة النبي إسماعيل عليه السلام ولا يورثون أبناء الجواري فهذا هو عين التعصب ضد السامية. وإذا كان الله عزوجل قد واعدهم هذه الأرض ليدخلوها مع موسى بعد الشتات الثاني (التيهان) في الصحراء عقاباً لهم فإن ذلك التكريم لا يستحقه اليهود لأنهم تخاذلوا وقالوا لموسى عليه السلام (إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون) فمن أين جاء هذا الوعد الذي ذكروه في العهد القديم تحريفاً وتجديفاً على التوراة التي كتبوها بأيديهم فويل لهم مما يكتبون. اما الهيكل الذي بدأ ببنائه داوود وأكمله ابنه سليمان عليهما السلام فلم يبنياه لبني إسرائيل وإنما بنياه ليكون مقر عبادتهما لله سبحانه وتعالى لا تفاخراً او زهواً على الامم وكان ذلك الملك كله فضلاً من الله على داود وسليمان. هكذا يقلب اليهود الحقائق التاريخية ويزيفون هذا الميراث الذي كتبه الله لهم لينكبهم به بعد ذلك وسلط عليهم من يحرق ويدمر هذا التراث فيما بعد ذلك بما عصوا وكانوا يستكبرون. فالإسرائيليون الذين قدموا مع سيدنا موسى الذي بدأت معه الديانة اليهودية إنما اتوا من مصر وصحرائها حيث كان يقيم سيدنا يعقوب واولاده عليهم السلام وهم سكان البدو والذين ورد ذكرهم نصاً في سورة يوسف.فكيف استحلوا هذه البقعة من العالم. إن بلفور وزير خارجية بريطانيا لم يكن ليعرف تاريخ هذه المنطقة بل لم يكن مطلعاً على تراث هذه البلد وتسلسل التاريخ فيه وإلا لما اعطى وعده المشؤوم بقيام دولة يهودية في فلسطين وحددت بريطانيا حدودها عام (۱۹۱۷). إلا ان اليهود ورغم ذلك كله كانوا يقولون إن فلسطين من النيل إلى الفرات زاعمين أن بني إسرائيل خرجوا من مصر إلى فلسطين وإن هيكل داود قد حمله الملك نبوخنصر إلى العراق. وهذه الاراضي هي أراضي يهودية. وهذه مزاعم ليس لها أي مستند تاريخي ولا ديني إنما هي مطامع ليس لها حدود. واستغل اليهود ضعف وتشتت العرب بعد الحرب العالمية الاولى وانهيار الدولة العثمانية وتقسيم سايكس بيكو الذي قسم العالم الإسلامي وهي تركة وإرث الدولة العثمانية للاسف الشديد.وعندما اشتد عود العرب وجدوا انفسهم أمام حركة تمرد عالمية يقودها يهود العالم واسمها الصهيونية. ان تسمية هذه المنطقة بإسرائيل لا سند قانوني ولا جغرافي ولا ديني ولا سياسي لها. وإذا كانت قد تسمت بإسرائيل نسبة إلى نبي الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم فإن موقع يعقوب لم يكن فلسطين ولذلك هذه ليست الحدود الجغرافية للمنطقة التي عاش بها يعقوب عليه السلام إذ ليس لها سند جغرافي ولا قانوني ولم تكن الديانة اليهودية قد بدات بعد حيث أن أول انبياء اليهودية هو سيدنا موسى عليه السلام الذي ولد في مصر واخاه هارون ونزلت عليه التوراة في سيناء ثم هاجر في آخر حياته إلى السامرة. أما آخر انبياء بني إسرائيل فهو سيدنا عيسى بن مريم عليه السلام الذي نزل عليه الانجيل وحاول اليهود قتله كما قتلوا يوحنا (يحيى) عليه السلام وهو الذي عمّد سيدنا عيسى عليه السلام. وآخر معقل من معاقل اليهود كان خيبر شمال المدينة المنورة ومن خيبر اخرجهم نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم.فمن أين جاءت فلسطين أرض الميعاد التي منحها الرب لبني إسرائيل ولماذا؟ لنكضهم للعهود! أو إخلالهم بالوعود او لتقاعسهم عن تعاليم الرب أو لتأمرهم على انبيائهم. هاهم يعودون لمؤمراتهم وعدوانهم واحتلالهم لأرض لا يملكون اي مسوغ لإحتلالها إلا غطرستهم وجلفهم وتكبرهم وضعف العرب وتخاذل المجتمع الدولي برمته وتأييد ومساندة لهم من قوى الظلم والعدوان على مر تاريخ القضية الفلسطينية. إن ما دار في فلسطين منذ ۹۱ عاماً منذ وعد بلفور المشؤوم عام ۱۹۱۷ وحتى احداث غزة ليدل دلالة واضحة على أن اليهود لا ينشدون إلاّ سلام الضعفاء.

 
سلام من جانب واحد يفرضه المعتدي على المعتدى عليه.انه إستسلام وقبول بأمر واقع مرير مبني على الظلم وتجاهل حقوق الآخرين. منذ النكبة في عام ۱۹۴۸ والعرب يعيشون نكبات وهزائم متتالية ومن حاول التمرد على هذا الواقع والخروج عنه وشق عصا الطاعة للأقوياء فجزاؤه كما حدث للعراق إذ زج به في آتون حرب خلفت الخراب والدمار.ولن تنفع مع اليهود إتفاقيات ومعاهدات إلا إذا كان الجانب العربي ينطلق من قوة حقيقية أو قوة ردع وتهديد اما التخاذل فمصيره الإنكسار والخسارة كما حل بالعرب عام .۱۹۶۷ اما غزة فهذا قدرها خراب ودمار وقتل وتصفية بشرية وتجريف للحدود حتى تتلاشى غزة من الخريطة السياسية لدولة فلسطينية على أرض تمثل ۶۰% مما احتلته إسرائيل عام .۱۹۶۷ حتى القدس وعودة اللاجئين وتعويض من خسر وفقد أيام الحروب هذه كلها أستبعدتها إسرائيل من التسوية النهائية وبنت الجدار الفاصل وأقامت المستوطنات (المستعمرات) وغيرت معالم الضفة الغربية ومنها القدس الشريف وقطعت اوصالها ومحت حدودها. طمس الهوية التاريخية لفلسطين والهوية العربية لسكان فلسطين وطمس الطابع الديني لأرض بارك الله فيها وجعلها اول قبلة للمسلمين. لا شيء اسمه فلسطين ولا شيء إسمه عرب فلسطين والقدس تحولت إلى اورشليم حتى شعارهم (نجمة داود) كذب على داود عليه السلام الذي كان يحمل شعار (لا اله الا الله)ولولا هذا التوحيد لما بلغت مملكته هو وابنه سليمان عليهما السلام ذلك الشأن العظيم حتى لتأتي إلى سليمان ملكة سبأ (بلقيس) لتسلم مع سليمان وجهها لله عز وجل بعدما عبدت الشمس.

إن التاريخ لا يعيد نفسه وعقارب الساعة لا تعود للخلف إلا إذا اوقفتها لكن الزمن يدور كما تدور الافلاك. فإسرائيل لن تكون اقوى من إمبراطوريات سادت ثم بادت ودالت دولتها وافلت شمسها واصبحت حديث التاريخ. إسرائيل لابد ان تنتهي كما وعد الله عز وجل عباده المؤمنين فلا يمكن لدولة ان تستمر وجيرانها كلهم على عداء وكراهية معها. إسرائيل لا تنفعها المعاهدات ولا الإتفاقيات مع الحكومات.عليها ان تتعايش مع الشعوب. رسالة العنف والغطرسة والتسلط والظلم مكانها حواشي التاريخ وقد لا تجد من يقرأ هذه الحواشي. على العسكريين الذين يسيطرون على إسرائيل ان يعودوا للتاريخ ويكتسبوا منه العبر ويسألوا أين نابليون وهتلر وموسيليني. أين أباطرة الروم وأكاسرة الفرس لقد بلعهم التاريخ وبقيت شمس الحرية والعدل ساطعة ومن اسقط دور التاريخ فقد ظلم نفسه.
عمان - عمان