رمز الخبر: ۹۶۷۲
تأريخ النشر: 11:34 - 20 January 2009
زهير ماجد
مابعد العدوان
 
عصر ایران - ایران - لو جاز لنا تصور ما يمكن حدوثه بعد وقف النار لقلنا إنها الصدمة من آثاره، ومعها رياح الغضب التي هبت على أجيال فلسطينية لم تمت بالصدفة وكان على إسرائيل ان تقتلها كي لاتطل يوما برد فعل لايمكن حسبانه، إضافة إلى تراث جديد من الاسئلة عند هؤلاء الفلسطينيين حول اليد العربية المبتورة إبان العدوان، إضافة إلى السؤال الأكبر الذي سيظل محرجا عند أجيال حركة فتح حول غيابها عن الساحة في الضفة الغربية وما رسمه من علامة استفهام لن تقوى أية اجوبة عليه.. واذا مااستتب وقف النار سيكون المشهد الغزاوي أقسى بكثير من النتف التي كانت تظهر منه إبان العدوان، سيكون الدمار شاملا ولسوف نكتشف الكثير من الجثث المهترئة التي مازالت تحت الردم، وسيكتشف الفلسطينيون انهم جميعا تعرضوا لأشد أنواع المذابح في التاريخ، فالحصار مذبحة، والعدوان مثلها ايضا، كما سيكتشفون بعد هدوء العاصفة كيف سدت عليهم جميع المنافذ من العدو والأخ، وكيف تمكنوا من الصمود كل هذه الأيام التي لاتنسى. أما الإسرائيلي فلسوف يكتشف انه اعاد احياء قضية تميل ظروفها إلى الزوال، وشعبا جديدا من المقاتلين، وقهرا عربيا وعالميا لايمكن نكرانه، ولعنة ستلاحق قادة إسرائيل وربما تلاحقهم الدعاوى الحقوقية، وانهم دخلوا تاريخ المحارق والابادة بعدما أتموا واجباتهم عبر التاريخ الدموي بالمجازر المتنقلة، وان الامل بقيام سلام أي سلام معهم صار وهما ومن الماضي، وان مايسمى بالاعتدال لن يظل على حاله.

مابعد العدوان ان هدأت النار فإن الإطلالة على النتائج ستكون كارثية على أكثر من صعيد، فيما سيكون لحركة حماس حضور أقوى وممارسة أكثف، ودور جديد يزيد على ماسبق.. وقد تظل القوة الوحيدة في غزة مقابل حضور رمزي للسلطة الفلسطينية التي عليها الرحيل بعدما قدمت عرضا إعلاميا فقط وموقفا محايدا ليس فيه أي تنزيل من تاريخ مشترك بعدما قمعت قواتها الأمنية حتى التظاهرات المنددة بالعدوان. سيكون مشهد السلطة مملا مهما قدمت من عروض تدعو إلى المصالحة والمصافحة كونها خذلت شعبها في لحظاته العصيبة والمصيرية.

نعرف إذن أن الجرح عندما يبرد فهو أشد وطأة على صاحبه، فكيف عندما تكون الجراح بالجملة وعندما يستند الجريح إلى أعصاب باردة ليفكر في مايحصل وليرد على اسئلة ابنائه وأحفاده وأطفاله وحتى الأماكن التي تعرفه ويعرفها.

أشياء كثيرة انكسرت في داخل كل فلسطيني وعربي عاش محنة غزة..
لعل لحظة المطالب ستبدأ فور نهاية العدوان، وهي من النوع الذي قد يحصل لأول مرة في تاريخ الشعب الفلسطيني وأوله تذمره من عربة المتفرجين..
الوطن - عمان