رمز الخبر: ۹۹۰۷
تأريخ النشر: 12:08 - 27 January 2009

عصر ايران – ان نبأ اخراج اوروبا ل"منظمة مجاهدي خلق" من قائمة المنظمات الارهابية ، اثار موجة من الاستغراب لدى الشعب الايراني بحيث ان الايرانيين لاسيما اولئك الذين يتذكرون احداث العقود الثلاثة الاخيرة يتساءلون : ان لم تكن هذه المنظمة ارهابية اذن ليس هناك اي ارهابي في العالم.

ان العديد من الايرانيين يعرفون اشخاصا كثر استشهدوا على يد اعضاء هذه المنظمة اما في المساجد او الدوائر والمحال التجارية ، لاسيما في الاعوام الاولى من انتصار الثورة وقيام الجمهورية الاسلامية في ايران وكان ذنبهم الوحيد هو التقيد بالمبادئ الدينية والحرص على الجمهورية الاسلامية الايرانية. ويطلق عامة الناس في ايران على هذه المنظمة اسم "منظمة المنافقين" بدلا من منظمة "مجاهدي خلق".

السابقة التاريخية ل مجاهدي خلق

لقد تاسست منظمة مجاهدي خلق قبل نحو 45 عاما اي ابان عهد النظام الشاهنشاهي في ايران. ورغم ان الامام الخميني الراحل (رض) الذي قاد الثورة الشعبية ضد النظام الشاهنشاهي ، كان يؤمن في ذلك الوقت بالكفاح السياسي والتظاهرات غير المسلحة ضد النظام، الا ان اعضاء هذه المنظمة كانوا يصرون على اللجوء الى السلاح ومواجهة نظام الشاه من خلال التفجيرات والاغتيالات.

وهذا ، شكل اول خلاف في وجهات النظر بين منظمة مجاهدي خلق وسائر معارضي نظام الشاه.

ان اعضاء هذه المنظمة الذين كانوا يتحدثون في البداية عن التقليد في الدين اتجهوا في منتصف الطريق نحو "الماركسية" وانفصلوا عمليا عن النضال العام للشعب الايراني المسلم ( ان شارة "المطرقة" التي تعد رمزا للماركسية مازالت موجودة على شعار هذه المنظمة). وبعد انتصار الثورة الاسلامية عام 1979 وعلى النقيض من التصويت الشعبي الذي بلغ 98 بالمائة لصالح تاسيس الجمهورية الاسلامية ، فانهم عارضوا ذلك واصروا على اعتماد الخيار المسلح.

وفيما كان الايرانيون يحتفلون بانتصار الثورة الاسلامية وكانوا يقومون بتاسيس هيكليات النظام السياسي الجديد، بدأت موجة الاغتيالات بحيث ان هذا السؤال كان يتكرر يوميا بين الناس في طهران والعديد من المدن الايرانية الاخرى انه من تعرض اليوم للاغتيال وكان الجواب ياتي انهم قتلوا صاحب مخبز فلان حي او صاحب فلان متجر في فلان شارع باطلاق النار عليه وهو في محله.

ان موجة الاغتيالات لم تقتصر على الناس العاديين الحريصين على الثورة بل امتدت سريعات لتشمل المسؤولين السياسيين في البلاد.

وفي تلك الاعوام ، لم يكن تم في تلك الفترة تشكيل انظمة حماية للمسؤولين لان الدولة كانت تمر بمراحلها التاسيسية الاولى وان العديد من المؤسسات لم تكن تتشكل لحد تلك الفترة ومثلا فان وزارة الامن لم تكن موجودة آنذاك.

لذلك فان اعضاء منظمة مجاهدي خلق استطاعوا بسهولة اغتيال رئيس الجمهورية آنذاك (محمد علي رجائي) ورئيس وزرائه (محمد جواد باهنر) ورئيس مجلس القضاء الاعلى (محمد حسين بهشتي ) ونحو 70 من النواب واعضاء حزب جمهوري اسلامي على عدة مراحل.

كما اغتالوا ائمة الجمعة في المدن الايرانية بمن فيهم اية الله مدني واية الله دستغيب واية الله صدوقي والذين عرفوا فيما بع ب شهداء المحراب.

وتزامنا مع بدء هذه الاغتيالات فان الجمهورية الاسلامية وضعت على جدول اعمالها ملاحقة اعضاء مجاهدي خلق والقت القبض على عدد منهم الا ان الزعيم الرئيسي للمنظمة اي مسعود رجوي تمكن من الفرار من ايران خلال عمليات سرية، بمساعد شخص يدعى العقيد معزي الذي كان قائد الطائرة الخاصة بالشاه لكنه كان يعيش في ايران حتى ذلك الوقت، وذهب الى باريس واخذ من هناك يقود الاعمال الارهابية للقوات الخاضعة له.

وفي ذلك الوقت حيث لم تكن الاعمال الارهابية مدانة بشكل واسع النطاق كما هو عليه الان، فان المنظمة كانت تعلن من خلال اذاعتها عمليات الاغتيال التي كانت تنفذها وكانت تصدر عبر الراديو تعليمات سرية عن طريق الكودات الى اعضائها في داخل البلاد.

وفي ذروة الحرب العراقية المفروضة على ايران ، عقدت منظمة مجاهدي خلق اتفاقية تعاون مع الرئيس العراقي المقبور صدام حسين وفي اعقاب اللقاء الذي عقده مسعود رجوي (قبل 22 عاما) مع صدام اصبحت هذه المنظمة عمليا فرعا من فروع الاستخبارات العراقية والتي اخذت على عاتقها مهمة التجسس على ايران والقيام بالاعمال الارهابية ضدها.

ان الايرانيين يتذكرون جيدا بان العديد من منشاتهم الحضرية التي قصفت من قبل الطائرات العراقية كان اعضاء مجاهدي خلق قد وضعوا احداثياتها بتصرف الجيش البعثي العراقي آنذاك. كما تبنوا مسؤولية التحقيق مع الاسرى الايرانيين في معسكرات صدام وتعذيبهم.

وفي ختام الحرب بين ايران والعراق في 24 تموز/يوليو 1988 قامت منظمة مجاهدي خلق مدعومة لوجستيا من نظام صدام بمهاجمة ايران من خلال 120 دبابة و 400 ناقلة جند و 1000 شاحنة وعربة عسكرية و... الالوف من كوادرها المسلحة وعبرت الحدود الغربية لايران واقدمت على احتلال بعض المناطق الحدودية وقتل الناس فيها وتقدمت حتى مدينة "كرند" الايرانية لكنها وقعت في كمين القوات الايرانية على طريق اسلام اباد- كرند وتكبدوا هزيمة نكراء بحيث بلغ عدد قتلى هذه المنظمة 2000 شخص ( واعترفت المنظمة نفسها بمقتل 1264 من اعضائها العسكريين). وقد اطلق الايرانيون على هذه العمليات اسم "المرصاد".

وكانت هذه اكبر هزيمة لهذه المنظمة في عملياتها العسكرية المباشرة ، ولذلك فقد لجات الى اسلوبها القديم في تنفيذ عمليات الاغتيال بما فيها الهجمات بقذائف الهاون على المناطق السكنية والحكومية في طهران ما ادى الى استشهاد عدد من المواطنين العاديين.

وقد اقدمت منظمة مجاهدي خلق في العراق وبالتعاون مع صدام شخصيا على تاسيس معسكر كبير الى القرب من بغداد عرف باسم مدينة اشرف. ويوجد الان في هذا المعسكر نحو 3400 من اعضاء هذه المنظمة 900 منهم من النساء. (ان نساء هذه المنظمة مسلحات ويعتبرن من الكوادر العسكرية لها كما انهن شاركن بشكل واسع في عمليات المرصاد وحتى انهن كن يقدن الدبابات).

ان معسكر اشرف هو مقر نشر الاسلحة وتنفيذ التدريبات والتمرينات العسكرية لاعضاء هذه المنظمة وتحول هذا المسعكر ابان نهضة جنوب العراق عام 1991 الى احد مقار العمليات التي نفذت ضد الشعب العراقي الى جانب جيش واستخبارات نظام صدام ولذلك فان الحكومة العراقية الحالية تلاحق بعض قادة هذه المنظمة بتهمة تنفيذ جرائم ضد الشعب العراقي رغم انها لم تستطتع بسبب الضغوطات الامريكية من القيام بشئ في هذا الخصوص.

وتنظر اميركا واوروبا الى منظمة مجاهدي خلق في الوقت الحاضر كورقة رابحة في التعامل مع ايران لان هذه المجموعة لها لوبياتها في اوروبا من جهة وتتمتع بدعم التيارات المناهضة لايران في اوروبا من جهة اخرى، وتعتبر التنظيم الوحيد المعادي للجمهورية الاسلامية الذي تلقى جميع اعضائه التدريبات العسكرية وان العديد منهم تلقى ايضا دورات في التجسس والتفجيرات والاغتيال لذلك فانه يمكن استخدامهم كبيادق لتنفيذ الخطط المناهضة لايران اذا ما اقتضت الضرورة.

ان خروج منظمة مجاهدي خلق من قائمة المنظمات الارهابية في اوروبا ياتي في هذا السياق ويعتبر وسيلة للضغط على ايران في الموضوع النووي. وفيما اعلنت الحكومة العراقية انها بصدد طرد هؤلاء من البلاد بوصفهم عناصر غير مرغوب فيها فان بقائهم على قائمة المنظمات الاهاربية يجعل من الصعب استقبال الدول الاوروبية لهم لذلك فانه من خلال شطب اسم هذه المنظمة من قائمة المنظمات الارهابية فانه تتوفر امكانية قبول هؤلاء لكي يحتفظوا بهم كورقة رابحة واستخدامهم في تعاملهم المستقبلي مع ايران والا فان الاوروبيين الذين كانوا يعتبرون لسنوات هذه المنظمة ارهابية يعرفون اكثرمن غيرهم طبيعتها الارهابية.

وقد تحول هؤلاء الان كما المرات السابقة الى "ورق لعب" بيد الغربيين.