عصر ايران –
وضع الجزر الاستراتيجية بتصرف نظام صدام :
ان مسالة وضع الجزر الاستراتيجية الكويتية بوبيان ووربة وفيلكة بتصرف نظام
صدام ومزاعم النظام العراقي بخصوص ملكية هذه الجزر الثلاث ، تعود الى عهد
قديم وتمتد جذورها الى فترة استقلال العراق عام 1933 واستقلال الكويت عام
1961.
واثناء الخلافات الحدودية بين ايران والعراق قبل معاهدة الجزائر لعام 1975
صعد النظام العراقي من ضغوطاته لاستخدام هذه الجزر ضد ايران وطالب الكويت
بنقل او تاجير هذه الجزر اليه من اجل الدفاع عن ميناء ام قصر العراقي.
لكنه لم ينجح في تحقيق هدفه هذا.
وقد طرحت قضية نقل الجزر الثلاث المذكورة خاصة جزيرة بوبيان الاستراتيجية
الى النظام العراقي لاستخدامها عسكريا ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية
خلال الحرب وبالتحديد عام 1984.
معلومات حول الجزر الكويتية :
1- جزيرة بوبيان :
وتقع جزيرة بوبيان في شمال شرقي الكويت وتبلغ مساحتها نحو 1500 كلم مربع وتعتبر اكبر الجزر الكويتية.
وتطل هذه الجزيرة على القاعدة البحرية لميناء ام قصر العراقي. واقل مسافة
لهذه الجزيرة عن الاراضي العراقية تبلغ نحو 20 كلم كما تبعد هذه المسافة
نفسها عن مدينة ابادان الايرانية.
ان النظام العراقي الذي فقد ارتباطه بالخليج الفارسي وقدرته على القيام
بعمليات عسكرية في البحربسبب اغلاق نهر اروند رود وتدمير منصات البكر
والامية والفاو النفطية ، قام باجراءات مختلفة من اجل السيطرة او
الاستيلاء على جزيرة بوبيان وذلك لاستعادة قدرته على المناورة والقيام
بعمليات بحرية لضرب المنشات الحيوية الايرانية في جزيرة خارك.
2- جزيرة وربة :
ان جزيرة وربة الصغيرة تقع الى شمال جزيرة بوبيان وتبعدها مسافة تبلغ
اقل من 20 كلم من مدينة ابادان وتنعزل عن جزيرة بوبيان بواسطة خور بوبيان.
ان هذه الجزيرة مثلها مثل جزيرة بوبيان تطل على ميناء ام قصر العراقي.
3- جزيرة فيلكة :
وتبلغ مساحة هذه الجزيرة الصغيرة نحو 50 كلم مربعا وتقع في شمال شرق الكويت وتبعد اقل من 20 كلم من مدينة ابادان الايرانية.
ان الحكومات المتعاقبة التي تولت السلطة في العراق منذ انقلاب عام 1957 ،
حاولت دائما السيطرة على اجزاء من اراضي الكويت لاسيما الجزر الثلاث
المذكورة وحتى انها قامت في بعض الاحيان بارسال قوات عسكرية الى الاراضي
الكويتية وتهديد الكويت.
وخلال اعوام الحرب بين ايران والعراق ، قام النظام العراقي بارسال فرق
تخريب وارهابية الى الكويت من اجل زعزعة الامن والاستقرار فيها وذلك
للتمكن من استخدام الجزر الكويتية الثلاث واضاف هذه الممارسات الى
تهديداته السابقة.
وفي عام 1981 ارسل النظام العراقي وفدا عسكريا برئاسة رئيس استخبارات
الجيش العراقي الى الكويت لاجراء محادثات بشان التعاون العسكري واستخدام
الجزر الكويتية في الحرب المفروضة في حين ان صدام كان قد اعلن قبل ستة
ايام من ذلك في مقابلة مع صحيفة "الانباء" الكويتية بانه طلب من الكويت ان
تؤجر جزيرة بوبيان للعراق لمدة 99 عاما من اجل بناء قاعدة بحرية فيها
لاستخدامها في حربة ضد ايران. واضاف ان العراق بحاجة الى جزيرة بوبيان لان
منفذ العراق الى الخليج الفارسي غير كاف وان المياه الساحلة العراقية ضحلة
جدا.
وعلى اي حال فان النظام العراقي لم يتمكن حتى عام 1984 من استخدام الجزر
المذكورة بصورة كاملة لاغراضه العسكرية ضد ايران الى ان بادرت الصحف
الكويتية في 10 نوفمبر 1984 الى بث خبر حول زيارة الشيخ سعد العبد الله
ولي العهد رئيس الوزراء الكويتي الى العراق كان هدفها اجراء محادثات بشان
الخلافات الحدودية بين البلدين والاطلاع على نتائج عمل اللجنة المشتركة
بين الكويت والعراق حول دراسة المشاكل الحدودية.
وقبل هذه الزيارة ، كان صدام قد اعلن بان نقل او تاجير هذه الجزر الى
العراق يشكل الشرط الرئيسي لتسوية الخلافات الحدودية بين البلدين. وفي 15
نوفمبر 1984 اعلن ولي العهد الكويتي في اعقاب عودته من العراق بان وزيري
داخلية البلدين سيلتقيان قريبا لدراسة قضية الحدود المشتركة بين البلدين
والتي هي محل خلاف لاكثر من 20 عاما.
وذكرت الصحف الكويتية ، في نفس الوقت ان مسؤولي العراق والكويت توصلا خلال
المحادثات الى اتفاق مبدئي بشان الحدود المشتركة التي تبلغ 160 كلم.
والنواة الرئيسية لهذا الاتفاق المبدئي تتمثل في تعليق مناقشة الخلافات
الحدودية حتى نهاية الحرب بين العراق وايران وسماح الحكومة الكويتية ،
للنظام العراقي باستخدام الجزر الكويتية المذكورة.
ان بث السلطات الكويتية ، خبر السماح للنظام العراقي باستخدام الجزر
الكويتية قوبل بردة فعل شديدة من مسؤولي الجمهورية الاسلامية الايرانية
واعلن المتحدث باسم مجلس الدفاع الاعلى بان على الكويت ان تعود عن قرارها
هذا او ان تقبل انه في حال استولت القوات الايرانية على هذه الجزر ان
تعتبرها عراقية وان الحكومة الكويتية لن يحق لها الادعاء بملكيتها لهذه
الجزر.
ولم تكن تمضي ايام على عودة رئيس الوزراء الكويتي من بغداد واحتجاج
الجمهورية الاسلامية الايرانية الشديد على السماح للعراق باستخدام الجزر
المذكورة ، التقى راشد الراشد وكيل وزارة الخارجية الكويتية ، القائم
بالاعمال الايراني في الكويت وطمأنه بان الجزر الثلاث بوبيان ووربة وفيلكة
مازالت تخضع للملكية الكويتية ولم توضع اطلاقا بتصرف العراق.
وفي هذه الاثناء قام رئيس الوزراء ولي العهد الكويتي يرافقه وزراء الدفاع
والداخلية والتخطيط والنفط ورئيس اركان الجيش ورئيس قسم الهندسة والمنشات
العسكرية في هذا البلد بتفقد الجزر الثلاث هذه والمراكز العسكرية
والحدودية بشمال الكويت ودرسوا ايجاد منشات دفاعية جديدة والتمهيد لانتشار
القوات والاسلحة الثقيلة في هذه الجزر.
وعلى الرغم من ان نفي نقل الجزر الى العراق والذي تم بصورة غير رسمية ومن
خلال لقاء وكيل الخارجية الكويتية مع القائم بالاعمال الايراني وكذلك
زيارة رئيس الوزراء الكويتي الى هذه الجزر خفض الى حد ما من حدة التوترات
الا ان اذاعة بغداد اعتبرت في نشرتها الخبرية ليوم 19 نوفمبر 1984 بان
التحذير الذي وجهته الجمهورية الاسلامية الايرانية الى الكويت جاء بسبب
المساعدات الكويتية للعراق واضافت ان هذه الجزر مهما تكن فانها ليست
ايرانية بل عربية سوء كانت متعلقة بالكويت او العراق.
ان هذا الموضوع الى جانب ان خبر لقاء وكيل وزارة الخارجية الكويتية مع
القائم بالاعمال الايراني في الكويت لم يبث بصورة صحيحة في الصحافة
الكويتية التي اعلنت ان راشد الراشد طلب من القائم بالاعمال الايراني
ايضاحات حول التحذير الايراني ، اديا الى تشديد ايران لموقفها وتشويه صورة
الكويت ومجلس التعاون اللذين كانا يدعيان الحياد.
وعلى اي حال فان الاخبار والتقارير العديدة كانت تشير الى ان الطائرات
والطائرات العمودية وقوات الاستخبارات العراقية كانت تستخدم جزيرة بوبيان.
ان استخدام النظام العراقي للجزر الكويتية ضد مواقع قوات الجمهورية
الاسلامية الايرانية خلال الاجراء المشترك للقوات الامريكية والعراقية
والكويتية عام 1988 والذي ادى الى استعادة شبه جزيرة الفاو والمناطق
الاخرى التي كانت تستولي عليها ايران ، بلغ اوجه.
* هذا التقرير مقتبس من كتاب "الكويت في الحرب العراقية المفروضة على ايران" ، تاليف مسعود اسلامي.